حياة التدين بالإسلام سعادة لا شقاء فيها
صفحة 1 من اصل 1
17012012
حياة التدين بالإسلام سعادة لا شقاء فيها
عندما يرتبط الإنسان بالمبدأ أعني الخالق تبارك وتعالى ويمتثل بأوامره وينتهي نواهيه تجده لم يحد عن النظام الكوني الطبيعي الذي ندركه بحواسنا وعقولنا، وعلى سبيل المثال تجد المتدين لا يشرب الخمر ولا يزني ولا يكذب ولا ينم و لا يغتاب ولا يقتل النفس المحرمة ولا يسطو ولا يضرب زوجته أو ابنه بغير حق ولا يشتم أمه وأباه وأخاه في الدين أو النسب ولا يرمي بنفسه من شاهق منتحراً ولا يؤذي مؤمناً ولا يرمي بالصواريخ ذات الرؤوس النووية وغيرها قرىً كاملة فتموت فيها الرجال والنساء والشيوخ والأطفال بالآلاف إشباعاً لحب السيطرة والتسلط على رقاب الآخرين حتى يكون حظ السالمين منهم التشويه والحرمان، ولا يعترض على خالقه الحكيم ولا ولا....الخ.
وإنما لم يفعل المتدين كل ذلك لا لأجل أن ذلك محرم في الشريعة الإسلامية فحسب بل لأجل أن هذه الأمور وغيرها من شاكلتها تفسد وتدمر النظام الطبيعي في الكون، فشارب الخمر يقوم بتعطيل وظيفة العقل وهي التفكير، وهذا بدوره تترتب عليه مفاسد كثيرة، منها هدر الأموال والقضاء على الصحة المتمثل في إصابته بأمراض التهاب الكبد والرئتين المزمنين وغيرهما، بل ربما تصل الأمور إلى حد يغيب عقله بالكلية فيقتل النفس المحرمة ويسفك الدماء.
ومن المناسب أن نذكر هذه القصة: يقال أن عصابة من المجرمين أمسكوا رجلاً وقالوا له: إما أن تقتل أباك أو تزني بأحد محارمك أو تشرب الخمر، فقال لهم: أما قتل أبي فهذا مما لا أتحمله، وكذا الأمر الثاني، فأهون الأمور أن أشرب الخمر، فشرب الخمر وثمل فقتل أباه وزنى بأحد محارمه.
وهذا كما ترى يرفضه منطق العقل ومبدأ الفطرة، لذا تجد المتدينين يبتعدون كل البعد عن هذه الأمور القبيحة.
وأيضاً تجده لا يزني لأن الزنى أمر غير طبيعي لما فيه من خرق للنظام الطبيعي في العلاقات الاجتماعية، إذ مضافاً إلى أنه يجلب الأمراض الكثيرة التي منها مرض الزهري ومرض السيلان تجده يهدر الأموال والصحة النفسية بشكل عجيب، لأن الزاني والزانية يجدا في تلك اللحظة التي يمارسان فيها العمل الجنسي أنهما يقومان بعمل غير طبيعي وأنه عمل مرفوض عرفاً وعقلاً وشرعاً، وأيُّ جرم أعظم من جرم اختلاط المياه في الأرحام الذي يؤدي إلى عدم معرفة أن هذا الابن ابنُ مَن؟! (وإن حل الشارع المقدس هذه المشكلة بأن الولد للفراش وللعاهر الحجر لكن ذلك بحسب الظاهر لا الواقع) ومن هذا المنطلق تجد أن المتدين يدين بدين الفطرة ومبدأ العقل فلا يعمل هذا العمل الإجرامي. بل يقوم بعملية الزواج الشرعي حتى يكون محافظاً على النظام الكوني الطبيعي ولا يعثوا في الأرض فساداً، ويكون بذلك قد حافظ على الشرع والعقل والعرف ولم يجلب له الأمراض النفسية والبدنية.
وأما أنه لا يغتاب فلأن الغيبة معول دمار المجتمع، وكم أناس سقطوا في مجتمعهم بسبب الغيبة، بل دُمروا في مجتمعهم تدميراً كاملاً بحيث رأوا موتهم أفضل من حياتهم، وهل من الطبيعي أن يقوم زيد ويتكلم على خالد في حالة غيبته، بل لا بد حتى يكون منطق العقل هو الحاكم في القضية أن يحضر زيدٌ خالداً ويتفاهم معه، ولعل زيداً يزيد أو ينقص الكلام مما يؤدي إلى ظلم عمر. نعم: إذا تجاهر خالد في فسقه بحيث كان بنفسه هو الهاتك لأمر قد ستره الله عليه أمكن لزيد أن يغتابه، ومع ذلك لا يلوم العقل زيداً، لأن خالداً هو الذي هتك نفسه بنفسه.
والغيبة عبارة عن رائحة نتنة تشاع في المجتمع، والعقل الذي هو منطق الفطرة يرفض أن تشاع الرائحة الكريهة في أي مكان ما دام ليس فيها إلا محض كراهة الرائحة، بل الأفضل أن تشاع الرائحة الطيبة التي يسـتأنس الشام بها.
ويترقى منطق الفطرة فيعتبر الغيبة أكلاً للميتة، لأن فيه هدم لوجود الإنسان، ومن هذا تجد المتدين ـ بشكل صحيح ـ لا يقبل ذلك ولا يحضر مجالس الغيبة وإن كانت مجالس مقدسة عند بعض الناس.
هذه ثلاثة أمثلة سريعة لبيان أن المتدين لا يقبل إلا ما وافق الفطرة وطابق حكم العقل، بخلاف اللا متدين الذي يعيش حالة التناقض للطبيعة الكونية.
ولا شك بعد هذه اللمحة السريعة أن تحكم بجمال الحياة الدينية.
المتدين لا يعيش حالة القلق والاضطراب
عندما ترى إنساناً يرفع يديه إلى السماء متضرعاً إلى خالقه لحل مشاكله الفردية والعائلية أو غيرهما سواء النفسية منها أو البدنية لا شك أن هذا لا يعيش حالة القلق والاضطراب النفسي بشكل حقيقي، لأن المتدين له اتصال تام بمعطي الخيرات وجالب السعادات لما سواه من مخلوقاته، وحتى لو وجدت متديناً يعيش حالة القلق النفسي فإنها سرعان ما تزول تلك الحالة منه، بل لو حققت ودققت النظر الفكري لوجدته ليس قلقاً، كما تجده في بعض العلماء حيث تراه متأثراً وقلقاً جراء قصف إحدى المدن المقدسة، وبيان ذلك أن المتدين يعلم أن المعطي والمانع هو الله تبارك وتعالى، وليس للإنسان حق في أن يفكر لماذا لا أحصل على مال، لأن المال توزيعه بيد العزيز الحكيم، لكن هذا لا يعني عدم صحة تفكيره في إصلاح الوضع المعاشي له ولعائلته، إذ فرق بين التفكير في إصلاح المشكلة وبين التفكير في أنه لماذا لا أكون مرزوقاً، باعتبار أن المهم أن يعمل الإنسان ويكدح في سبيل الحصول على قوته وقوت عياله اللائق به وبعائلته، لكن ليس من شأنه التدخل في خصوصيات خالقه، فالإرزاق من قبله تبارك وتعالى. ومن هذا المنطلق لا يفكر المتدين في رزقه لأن الله تكفل بذلك، ولا يقطع رزق عبد حتى يتوفاه له، وإذا انقطع رزق العبد فهو إشارة إلى نهاية مدة وجوده في الحياة الدنيا، وأنه تبارك وتعالى قد تعلقت إرادته بانقلاب العبد إلى عالم آخر المسمى بعالم البرزخ أو عالم القبر حتى يطوي رحلة الوجود إلى يوم القيامة المسمى بالمحشر ثم إلى دار القرار المعروف بالدار الآخرة إما الجنة أو النار.
وهذا بخلافه في الإنسان اللامتدين تجده يعايش القلق ما دام في الحياة الدنيا، فربما تجده منتحراً وربما تجده يرقد في المستشفيات النفسية.
لا تقل: لقد رأينا بعض المتدينين يعيشون في المستشفيات النفسية.
لأنا نقول: يدور أمر هذا بين أمرين، إما أنه متدين ظاهراً لا واقعاً، وإما أن يكون متديناً حقيقة وواقعاً لكن أحدث هذا الأمر فيه وليس من قبل قواه الثلاث أعني القوة العاقلة أو المتخيلة أو الواهمة، كيف والمتدين يكون ذهابه وإيابه لله تبارك وتعالى وقيامه وقعوده كذلك، وكذا نومه ويقضته، وكيف يكون قلقاً وهو يؤمن بمبدأ (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها)، ويؤمن بمبدأ (إنا لله وإنا إليه راجعون)، ويؤمن بمبدأ (قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم).
إن المتدين يعيش حياة القناعة، بمعنى إن حصل على كثير أو قليل فهو راض به، ولا يخفى ما لهذا الأمر من فوائد، حيث لا يعيش حالة القلق من ناحية رزقه، ولا يعترض على ربه، وهذان أمران واضحان في حياة المتدينين.
إن المتدين يؤمن بقوله (ع) في سحر شهر رمضان المبارك (اللهم إني أسألك إيماناً تباشر به قلبي ويقيناً حتى أعلم إنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي ورضني من العيش بما قسمت لي يا أرحم الراحمين).
وجاء في مناجاة الزاهدين للإمام زين العابدين (ع): (إلهي أسكنتنا داراً حفرت لنا حفر مكرها وعلقتنا بأيدي المنايا في حبائل غدرها، فإليك نلتجأ من مكائد خدعها وبك نعتصم من الاغترار بزخارف زينتها، فإنها المهلكة طلابها المتلفة حلالها المحشوة بالآفات المشحونة بالنكبات، إلهي فزهدنا فيها وسلمنا منها بتوفيقك وعصمتك، وانزع عنا جلابيب مخالفتك وتولّ أمورنا بحسن كفايتك).
وكما قال (ع) فإن هذه الحياة حياة مكر وخداع ولها من المكائد والحيل ما يضعف في مقابلته عقل عاقل إلا من عصمه الله تبارك وتعالى أو كان تابعاً لمن عصمهم الله تعالى.
وفي الكافي عن عمر بن هلال قال: قال أبو جعفر (ع): إياك أن تطمع بصرك إلى من فوقك فكفى بما قال الله عز وجل لنبيه ـ (ص): (ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) وقال (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا) فإن دخلك من ذلك شيء فاذكر عيش رسول الله (ص) فإنما كان قوته الشعير وحلواه التمر ووقوده السعف إذا وجده).
فإذا كان قدوة المتدين هو رسول الله وأهل بيته عليهم أفضل الصلوات والسلام، فلا شك في أنه يحتذي حذوهم بالصبر وتحمل البلاء في الحياة الدنيا.
وما دام أن المتدين يعيش الروح والمعنى فإنه روحه تتسامى إلى أحسن الآداب وأرقى الكمالات الروحية، بخلافه في الإنسان غير المتدين. ولنأخذ على سبيل المثال الإنسان الغربي الذي تسلم مقاليد قيادة البشرية بعد أن خاض معركة شرسة مع الكنيسة، وبعد أن غضب على الكنسية جراء قيودها المدمرة للعقل البشري في كثير من الأمور انطلق لا يلوي على شيء حتى وطأت قدماه العابثتان سطح القمر بالتطور التكنلوجي الرهيب المرعب لقلوب الناس.
لقد خرج مسرعاً تاركاً الكنيسة وراءه حتى انعدم في نفسه أبسط القيم المعنوية والروحية، فتراه لا يعترف بشيء سوى التسلط على رقاب البشرية، وتراه أخرى يرمي بالصواريخ هذه البلاد حتى يبيد أهلها وأخرى يشوههم بالكيميائي، وثالثة يدمر أخلاقهم وتقاليدهم الأصيلة بنشر الأفكار المنحرفة عن طريق التبشير والتلفزيون والدش والإنترنيت وبالنساء الخالعات وغيرها.
فتجد الرجل الغربي يفعل أفحش وأقبح ما توصل إليه الإنسان البشري، فله ألف وألف طريقة وطريقة لسرقة الناس وخداعهم وألف وألف طريقة للدعارة، حتى وصلت جهله إلى أن يفعل الفاحشة في محارمه، أو أنه يقتل الأبرياء أو لا يعرف حقاً لجاره أو لأبويه أو لأصدقائه أو لا يؤمن بمبدأ الروح أو... ويعتبر ذلك تقدماً وحضارة.
لقد كثر في الغرب السطو والسرقات حتى نُقِل لي: أنه في كل عشر ثوان تحصل جريمة في الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد ماتت الروح في رجل الغرب، حتى أن المفكر لاموني يقول: (إن الجنس البشري يمشي بخطى حثيثة إلى الهلاك، إنه في النزع الأخير، كذلك الإنسان الجريح المسكين الذي لا يرجى له شفاء، فكثرة الأخطاء في حضارتنا تجرها إلى الغرق).
والسبب في ذلك هو الابتعاد عن الدين، لأن الدين هو الذي يضفي على عالم المادة جمالاً رائعاً، وهذا بدوره يجعل الكون والطبيعة متناسقة في حركتها.
ويقول الكسيس كاريل في كتابه (الإنسان المجهول): (إن القلق والهموم التي يعاني منها سكان المدن العصرية تتولد عن نظمهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإن البيئة التي أوجدها العلم للإنسان لا تلائمه لأنها أنشئت دون اعتبار ذات الإنسان).
إن انعدام الروح ووجود الفراغ في حياة الغرب وعدم وجود هدف ينشده الإنسان الغربي يجعله إنساناً متوحشاً ليس في قلبه الرحمة. حتى أن جامعة هارفارد عقدت مؤتمراً في سنة 1979 لكبار الأساتذة والمفكرين وعلماء النفس والاجتماع وجميع مجالات العلوم الإنسانية وطرح على المؤتمر سؤالان:
1 ـ ما معنى الحياة في أمريكا؟
2 ـ ما فلسفة التعليم في أمريكا؟
لقد فهم رجل الولايات المتحدة أنه يقع في أعظم مشكلة لكن لم يحل المشكلة.
وبالمناسبة أتذكر أن أحد أقاربي قد قابل في عمله أحد الرجال الأمريكيين وأخذ معه في الكلام، حتى قال الرجل الأمريكي: (لقد ماتت الشهوة عندنا من كثر ما فعلنا في بلادنا فنحن لا نعرف لذة الشراب ولا لذة الشهوة الجنسية، لقد سأمنا العمل الجنسي من كثرة ما عملنا من فاحشة، ولا نعرف لنا هدفاً فنحن نعمل لنأكل أحسن مأكل ونشرب أفضل مشرب ونلبس... ونترقى في أعمالنا لأجل زيادة الراتب الشهري هذا هو همنا ولا نعرف القدر ماذا يخبأ لنا؟!! وأما أنتم المسلمون فبسبب أن دينكم يحرم عليكم الزنى وشرب الخمر وغيرهما فاللذة بكل معانيها متوفرة لديكم. وأنتم المسلمون تعملون لأجل هدف فتصلون وتصومون لله ولكننا لا نؤمن بمبدأ الجوع، والتوجه إلى كعب مربع ـ إشارة إلى الكعبة ـ للعبادة).
لكن المتدين بالدين الإسلامي يزن الأمور بالعقل الذي يدله على أن النظام الاجتماعي والاقتصادي والتربوي وغيره لا يعرفه حق معرفته غير خالق الكون الذي خلق أناساً معصومين يعرفون تشريعه في جميع العلوم ويبينونه للناس، والمتدين بدوره يرجع إلى هؤلاء المعصومين في معرفة العقائد والحلال والحرام وغير ذلك.
المتدين لا يعيش حياة الفراغ الوقتي والروحي
إنّ وقت الفراغ إذا لم يستغل بشكل صحيح لا محالة يكون مدمراً للجانبين النفسي والبدني، وله نتائج سلبية كثيرة، منها تعطيل الطاقات، وهذا خلاف حكم العقل الحاكم بوجوب عمارة الكون وتدبير شؤونه، ومن هنا جاءت الأديان السماوية تحث على العمل، لأن جمال الكون المادي في حركته، حتى قيل لو أن كوكباً وقف عن العمل لوقفت جميع الكواكب، ونحن إنما ضربنا هذا المثال للإشارة إلى أن استقامة الكواكب لا تتم إلا بالحركة. كما ربما يظهر من قوله تعالى: (وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار).
والإنسان المتدين يسلك هذا الطريق، لعلمه بأن الفراغ الوقتي ليس محمود العاقبة لا دنيا ولا آخرة.
وكذا المتدين لا يعيش الفراغ الروحي، لأن الفراغ الروحي إذا وجد في مجتمع أو فرد فلا شك أنه سيعيش ذلك الإنسان أو المجتمع أجوفاً عارياً من أغلب القيم التي يحكم بها العقل والشرع، منها:
1. الانتحار.
2. تجمع عصابات السرقة والسطو وهتك الأعراض.
3. الإدمان على المشروبات المحرمة والمخدرات.
4. انتشار الأمراض العصبية والعقلية.
5. شدة السعار الجنسي وأمراض الجنس. وغير ذلك. فهذه الأمراض لا تجد لها سوقاً رائجة إلا في المجتمعات غير المتدينة.
وإليك بعض الإحصاءات عن الأعمال الشنيعة التي تحصل في مثل هذه المجتمعات المنحرفة([1]):
1 ـ عدد مدمني الخمر في الولايات المتحدة الأمريكية في الأربعينات يتجاوز (42,1) مليون، فكيف بالزمان الحاضر.
2 ـ الذين يتعاطون المخدرات سنة 1975 م 19% من الشعب الأمريكي فكيف بعام الألفين.
3 ـ عدد المرضى في مستشفيات الأمراض العقلية في الولايات المتحدة (750) ألفاً، ويشغلون 55% من جميع أسرة المستشفيات. وقد كان عدد المستشفيات للأمراض الجنسية في الولايات المتحدة (652) وهذا ما يفوق جميع المستشفيات لجميع الأمراض عدا السل.
4 ـ وأما الجرائم ففي أمريكا وحسب إحصائيات دوائرها حصلت سنة 1975 م 11,257,000 جريمة.
5 ـ أما الجنس وأمراضه وسعاره فحدث عنه ولا حرج، ففي نيويورك في سنة 1974 م وصل عدد عمليات الإجهاض إلى (120829) عملية. و 67% من المجهضات غير متزوجات.
وفي نيويورك وحدها يصل عدد الشاذين جنسياً إلى (1,200,000).
وأجريت في جامعة لوس أنجلوس / كاليفورنيا إحصائية للشاذين جنسياً من الرجال والنساء فكانت النسبة (84%).
وننقل عن المودودي هذه الإحصائية التي نقلها عن دائرة المعارف البريطانية: إنه في الأربعينات كان 90% من الشباب الأمريكي مصاباً بالزهري، و 60% من الشباب الأمريكي مصاباً بالسيلان، و 40% من الشباب الأمريكي مصاباً بالبرود الجنسي، وقد كنت أحتفظ في جيبي بصورة لأحد الشباب الأمريكي عمره في الحادية والعشرين تزوج جدته!!! وعمرها (77) سنة وعقدت لهما عَقْدَهُما الكنيسة في قرية قريبة من لوس أنجلوس!!
وأما بلاد السويد التي تعتبر من أرقى بلدان العالم من ناحية دخل الفرد والتأمينات الاجتماعية ففيها أعلى نسبة للأمراض النفسية والعقلية فإن (نسبة المرضى عقلياً وعصبياً ونفسياً 25%) من سكان السويد، وتنفق الدولة (30%) من ميزانيتها على علاجهم.
ونسبة الموظفين الذين يخرجون من وظائفهم بسبب الأمراض يساوي (50%) من مجموع المخرجين.
وأما التمرد فيكفي ظواهر البيتلز والهيبيين.
وليست هذه النسب المذكورة موجودة فقط في الولايات المتحدة الأمريكية او السويد بل كل بلد لا يؤمن أهلها بالمعاني الروحية السامية التي جاءت بها الأديان.
وهذه إشارة إلى ما يعيشه الإنسان الذي يعيش بعيداً عن الأجواء الروحية، وهذه إحصائيات قديمة، وأما في يومنا فالأمر مخزٍ جداً.
هذه هي البلدان التي تدعي أنها أم الحضارات وأرقاها ولقد استكبرت وعثت في الأرض فساداً، وكل أمة يكون عملها الفساد والإفساد لابد وأن تسقط سقوطاً لا قيام لها بعده (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو ءاذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. ويستعجولنك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير).
أما في المجتمعات الدينية فهي وإن اتفق أن يحصل بعض هذه الأمور التي تقدمت لوجود المنحرفين فيها لكنها نادرة جداً بل تكاد تكون معدومة في أغلب الأوقات.
ومن هذا المنطلق يجدد الإنسان المتدين العهد الروحي في كل وقت، ففي كل وقت يذكر خالقه المولى تبارك وتعالى، سواء بالصلاة أو الدعاء أو قراءة القرآن أو زيارة قبور العظماء في الإسلام([2]) أو زيارة الأقارب أو الأخوة في الدين، ليس كل ذلك إلا لأجل أن يمتلأ بالمثل العليا، ومن هنا كان الإنسان المتدين لين الطبع متمسكاً بأفضل أصول الأخلاق، متخلقاً بأخلاق الأنبياء والأولياء، وسيأتي مزيد توضيح في العبادات الإسلامية وكيف أنها تؤثر على حياته النظرية والعملية.
وبما أن المتدين يطبق تعاليم السماء لا شك أن الله سينصره (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) ولا شك في أن الله تعالى سيجعله الوارث لهذه الأرض (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون).
[1] جميع الإحصائيات قد نقلناها من كتاب الإسلام ومستقبل البشرية لعبدالله عزام.
[2] لأنها مضافاً إلى التأسي بما كان يفعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما كان يزور قبور شهداء أحد تُذَكِّر بالآخرة، وهي تعظيم للمؤمن الذي هو بدروه يعتبر تعظيماً للإيمان والإسلام، وإلا كيف نعظم الإسلام إذا لم نعظم رجاله!
منقول من كتاب حياة التدين بالإسلام سعادة لا شقاء فيها
بقلم: محمد المرهون
ali moselly- عضو جديد
- عدد المساهمات : 9
تاريخ التسجيل : 17/01/2012
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى